التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة - الموسوعة القانونية الشاملة

الخميس، 23 أبريل 2020

التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة



التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة




المـــــــقدمة
يعتبر حق التـملك و الملكية من الحقـوق الأكـثر حماية و حصانـة سواء في المواثيـق الدولـية أو القوانين الداخلية، حيث نصت المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه " لا يجوز تجريد أحد من حقه في التملك "، كما نصت الدساتير الجزائرية المتعاقبة منذ الاستقلال علي حصـانة حق الملكـية العامة و الخـاصة  و حمايتـه من التعدي أيا كان نوعه ، و كان أخرها دستور 23 نوفمبر 1996 و الذي نص في مادته 52  أن "الملكيـة الخاصــة مضــمونة "
و يـعد حق الملكية أوسـع الحقوق العينـية نطـاقا، فمن له حق الملكـية علي الشيء كـان لـه حق استعماله، حق استغلاله، و حق التصرف فيه، يستجمع بذلك كل السلطات الـتي يعطيـها الـقانون للشخص علي الشيء ، ولهذا تعرف الملكية فقها بأنها حق الاستئثار باستعمال الشيء و باستغلاله و بالتصرف فيه علي وجه دائم و كل ذلك في حدود القانون  هذا التعريف هو نفسه الذي أتي به المشرع الجزائري في المادة 674  من القانون المدني بنصه أن " الملكــية هي حـق التمــتع و التصرف في الشـيء  بشرط أن لا يستعمل استعمال تحرمه القوانين و الأنظمة "
أما العقار فتعرفه المـادة 683 من نفس القانون علي أنه " كل شيء مســتقر بحيزه و ثابـت فيه و لا يمكن نقله من مكانه دون تلف فهو عقار و كل ما عـدا ذلك فهو منقول " و ينـصرف هذا التعريف الي الأراضي و المباني و الأشجار و الطرق ... كما ينصرف الي المنقولات بطبيعتها و التي رصدت لخدمة العقار، إن العقار كان و لا يزال مصدر الصراعات البشرية فهو أساس الاستقرار و التعامل بين الإنسانية ومصدر رزق لبعض الأفراد  
وتعتبر الملكية العقارية من أهم الثـروات التي يرتكز عليـها التطـور الاقتصادي في البلاد و هذا نظرا للارتباط الوثيق بين نظام الملكية بصفة عامـة و التوجهات السيـاسية و الاقتصادية  للبـلاد و  تماشيا مع تغيير النهج الاقتصادي من الاقتصاد الموجـه إلي الاقتصاد الحـر أو ما يسمي باقتصاد السوق، فقد كرس دستور 1989 و بعده دستور 1996 الملكية الفردية الخاصة و الملكية العامة ،و سن قواعد لحمايتهما  و هذا بـعد  تنازل الدولة عن احتكار النشاط الاقتصادي و اهتمـامها بترقيـة المبادرة الخاصة و ضمـان الملكـية الفردية، صنفت أنواع الملكية العقارية إلي /


ـ ملكية وطنية وردت في أحكام المادتين 17 و 18
ـ ملكية خاصة وردت في المادة 52
ـ ملكية وقفية 
تعـرف الأمـلاك الوطنية بأنها مجموع الأملاك و الحقوق المنقولة و العقارية الـتي تحـوزها الدولة و جماعاتها المحلية في شكل ملكية عمومية أو ملكية خاصـة.
أما الأملاك الخاصة فهي مجموعة الأموال و الحقوق عقارية كانـت أو منـقولة أمـلاك الفرد و تكون الملكية إما تامة أو ناقصـة، التامـة هي التي تستجمع جميع السلطات الاستعمال ، الاستغـلال و التصـرف، أما الناقصة فهي ملكية حق الاستعمال أو الاستغلال أو كليهما، وقد تكون ملكية مشتركة أو ملكية مشاعة وفي هاتين الحالتين يكون المالك مرتبطا  في التصرف أو الانتفاع بملكه مع الآخرين .
و نظرا لأهمية حق الملكية بصفة عامة و الملكية العقارية بصفة خاصة كان لابد من حمايته من كل ما يمس به و ضمان ممارسته في إطار القانون ، لأنه لا يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إلا في الشروط و الأحوال المقررة قانونا و التي أخضعها الدستور و القانون إلي إجراءات دقيقة و صارمة ينبغي احترامها و تطبيقها نصا و روحا،  و إبراز الوسـائل القانونية الكفيلة بحـمايته و كيفية استعمـاله بشكل يضمن الفـعالية و الاستـقرار .
و سيكون موضوع هذه المذكرة حول التعدي علي الأملاك العقارية سنتناوله من جانبيه التعدي الحاصل من الدولة بإداراتها المختلفة علي الملكية العقارية الأفراد، و التعدي الواقع علي ملكية العقارية التابعة للدولة من طرف الأفراد
 في الواقع أن فعل التعدي علي الأملاك العقارية  يعتبر فعل مجرم ومعاقب عليه في قانون العقوبات بنص المادة 386 منه، و لهذا فان أغلب الدراسات و البحوث التي أجريت قد ركزت علي هذا الفعل علي أساس أنه الجنحة دون البحث في أسبابه و مظاهره و أساليب التعدي المختلفة و كذا آليات الحماية الأخرى غير الجزائية المقررة قانـونا ، لاسيما وأن الحماية الخاصة و المتميزة لحق الملكية العقارية تكتسي أهمية بالغة مرد ذلك راجع إلي محل الملكية في حد ذاته وهو العقار والدور الكبير الذي يلعبه في تحقيق النمو و الازدهار الاقتصادي و الاجتماعي ولذي فقد حظي بعناية أكثر و أكبر.  
 لهذا  فسنحاول تخصيص هذه الدراسة أكثر للجانب الإداري و العقاري متبعة في  المنهج التحليلي، و هذا انطلاقا من بعض النصوص القانونية المنظـمة لهذا الموضـوع و القوانين التطبيقية لها و التي شرعت لحماية حـق الملكـية العـقارية .



 و التعدي يكـون بإتيان أي فعـل من الأفعال و الذي من شأنه أن يحـد من التمتع بهذا الحـق و استعماله علي أحسن وجه، و هذا بالانتقاص أو المنع من احدي أو كل السلطات المخولة لصاحب حق الملكية و الذي يعد خروجا علي ما هو مقرر في القانون ، إن التعدي علي الملكية العقارية لا يعني دائما القيام بأشغال البناء كما هو شائع و إنما قد يكون ترميم بناء،  إضافة بـناءات جديدة و لواحق ، تهيئة الأرض من أجل البـناء ......إلخ 
و إنطاقا مما سبق  ستكون هذه الدراسة علي النحو التالي /
الفصل الأول موضوعه هو التعدي الحاصل من الدولة بإداراتها المختلفة علي الملكية العقارية للفرد، لأن الإدارة و قصد تحقيق مهامها و إشباع حاجات المنفعة العمومية باكتساب الأملاك العقارية لها طرق العادية للتملك كالتعاقد مع الأفراد كعقد البيع  طبقا لقواعد القانون المدني أو التجاري ،  و قد يحـدث و أن تلجأ إلي طرق جبرية للحصول علي هذه الأموال مع أنها غير مؤهلة لنزع هذه الملكية بمفهومه الواسع خارج نطاق المنفعة العامة و إلا تكـون قد ارتكبت خطا جسيم.
و هنا مفهوم التعـدي قد يلتبس ببعض المفاهيم الشبيهة كالمـساس بحق الملكية من طرف الإدارة ، و الذي هـو أعم من الاعتداء لأن المـساس قـد يكون بنـحو مشروع  فيـأخذ صـورة التأميم ، الوضـع تحت حماية الدولة ، الاستيلاء ، نزع الملكية للمنفعة العمومية و قد يكون علي نحو غير مشروع و هذا إذا استعـملت هذه الوسائل الجبرية دون احترام الإجراءات القانونية  ، فنكون أمام حالة من حالات التعـدي على الأمـلاك العقارية للـفرد.
غير أنه فيما يخص دراستنا هذه نكتفي بالتعرض إلي حالة اللامشروعية في  الاستيلاء و الشغل المؤقت أو النهائي و نزع الملكية للمنفعة العمـومية ، وسنتطرق إلي أنواع الدعاوى الناشئة عن التعدي علي الأملاك العقارية و التي يرفعها المتضرر هنا تظهر مهـمة القاضي التي قد تصبح جد معـقدة بحيث يطـلب منـه مراعاة حقـوق الأفراد إذا لم تحتـرم الـشروط و الإجـراءات القانـونية المحددة لنــزع الملكية  بصـفة عامـة سواء مؤقـتا أو نهائيا ، وبيـن احترام  صلاحيات السلطة الإدارية باعتبارها جهاز تنفــيذي مستقل عن السلـطة القضـائية .
من جهة أخري نفس الخطر قد تتعرض له أملاك الدولة من طرف الأفراد و هذا موضوع الفصل الثاني في التـعدي الذي يكون في صور عديدة نتـيجة لقـيامهم بشـغل هذه الأموال دون ترخيص من الإدارة ، أو في صورة الغصب لجزء من المال العام أو حتى بارتكابهم لأعمال تعد من قـبيل الجرائم المعاقب عليها في قانون العقوبات، و كذلك المساس بالمناطق المحمية  مستغليين في ذلك ظروف و أسباب عديدة سهلت هذا الاعتداء لاسيما الظروف الأمنية.


سنخصص مبحث للحديث عن كيفية تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظـاهرة من خلال ترسانة من النصوص تشريعية الخاصة بالملكية العقارية  أصدرت منذ الاستقلال  الي يومنا هذا، سعي المشرع من خلالها الي توفير حماية خاصة لهذا الحق، كما سنتعرض كذلك  لقواعد الحمـاية لهـذه الأملاك سواء الإدارية أو الجـزائية . 
وكـل هذا يكـون بالإجـابة علـى عــدة إشكالات أهمها /
* كيف تـتعدي الإدارة علي الملـكية العقارية الخـاصة ؟ و كيف تتجـلي صور هـذا التعـدي؟
* ما هي الضمانات التـي كرسهــا القانون لحماية الملكــية العــقارية للأفــراد ؟         
*ما دور القاضي الإداري في مراقبة مدي احترام الإدارة الإجراءات القانـونية لنزع الملكية أو الاستيلاء أو الشـغـل  ؟
* ما هي ضــمانات المنزوع ملكيتــه العقارية أو المســتولي عليها أو المشــغول أراضيـهم ؟
و من جهة أخرى
* ما هي الظروف والأسباب المخـتلفة التي سهلت تفشي ظاهرة تعـدي الأفراد علي الأملاك العقارية التابعة للـدولـة ؟
* كيف تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظـاهرة منذ الاستقلال ؟ أو بصيغة أخري ماذا كرس التشريع الجزائري من ضمانات لحماية الأملاك العقارية الوطنية ؟
* و ما هي الآليات الإدارية و الجزائية الكفيلة بحــماية الملــكية العقارية الوطنــية ؟



الخـــطــة
الفصـل الأول / تعدي الإدارة على الملكية العقارية الخاصة
 المبحث الأول /مظاهر التعدي على الملكية العقارية الخاصة 
المطلب الأول: العمل الإداري الغير مشروع 
المطلب الثاني: العمل المادي الغير مشروع 
المطلب الثالث: القرارات الإدارية المعدومة 
المبحث الثاني / بعض أوجه التعدي علي الملكية العقارية الخاصة 
المطلب الأول: نزع الملكية للمنفعة العامة الغير مشروع 
المطلب الثاني: الإستيلاء و الشغل الغير مشروعين 
المبحث الثالث / أنواع الدعاوي الناشئة عن التـعدي 
المطلب الأول : دعوي استرجاع الملكية 
المطلب الثاني: دعوي الإلغاء
المطلب الثالث:  دعوى التعويض 
الفصـل الثاني / تعدي الأفراد علي الملكية العقارية الوطنية 
المبحث الأول / أسباب تفشي ظاهرة تعدي الأفراد على الملكية العقارية الوطنية 
المطلب الأول: الأسباب الأمنية 
المطلب الثاني: الأسباب الاجتماعية 
المطلب الثالث: الأسباب الإدارية 
المبحث الثاني / تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظاهرة منذ الاستــقلال
المطلب الأول: النصوص القانونية المنظمة لاكتساب الملكية العقارية الوطنية منذ الاستقلال 
المطلب الثاني: المبادئ القانونية التي تحمي حق الملكية العقارية الوطنية 
المبحث الثالث / آليات حماية الأملاك العقارية الوطنية من تعدي الأفراد
المطلب الأول: آليات الحماية الإداريـة
المطلب الثاني: آليات الحماية الجزائيـة                 
الخاتــمة 


 الفصـل الأول تعـدي الإدارة علـى الملكـية العقـارية الخـاصة

             يترتـب علي تكريس مـبدأ عدم المسـاس بالملكية الخاصة،  نشـوء التزام قانوني يوجب علي الكافة عــدم التعدي علي ملكية الغير، و لكن قد تحتاج الإدارة الـعامة مركزية كانت أو لا مركزية إلي وسـائل مـادية أو أمـوال تكـفل لـها مباشـرة نشاطها الهـادف إلي تحقيق المنفعة العامة ، لهذا فهـي تحصل علـي هذه الأموال بطـرق عديدة و هي الوسائل الإدارية الرضائية المتمثلة في العقد الإداري أو التبادل ، وهي متماثلة مـع أساليب القانون الخاص بالاتفاق  و من أمثلتـها عقود البــيع المدنية و التجارية، و منـها أسالـيب لها طابع استـثنائي منصوص عليها بموجب قوانين خاصة و طبقا لإجـراءات معـينة  
            هذه الأساليب من شأنها حرمان الشخص من ملـكه العقاري جـبرا عنه لتخصيـصه للمنفعة و المصـلحة  العامة ، ولكـن يحـدث و أن لا تحترم الإدارة هذه الإجراءات متعـدية بذلك علي حق الملـكية  العقارية للفرد و هذا عـن طريق أعمال مادية أو  إدارية غير مشروعة تصل إلي حد الانعدام القانـوني هـذا ما سنـتناوله في المبحث الأول ، أما المبحث الثاني فسنخصصه لبعض أوجه تعـدي الدولة عـلي الأملاك العقارية  للأفراد من خلاله تتجلي بعض الصور التعدي علي الأملاك العقارية الخـاصة نتيـجة لإسـاءة تطبـيق بعض القوانين الماسة بحـق الملكية منـها نزع الملكية للمنفعة العامة ،الاستيـلاء و شغـل الأراضي ، أما المبحث الثالث فسنخصصه لبعض الدعاوى المقررة قانونا لحماية حق الملكية العـقـارية مـن التـعدي. 



المبـحث الأولمظاهر تـعدي الإدارة علي الملكية العقارية الخاصة


 تتجلي الانتهاكات الإدارة الموجهة للملكيـة العقارية الخاصة مـن خـلال عـدة مظاهر، قـد تكـون بعمل إداري يتـنافي مع مبادئ المشروعية و قد يكون مـاديا ، و الأول  يباشر عن  طريـق قـرارات  تصدرها الإدارة في حق الأفراد و هو ما يسمي بالتعدي الإداري ، أما  الثاني فعـن طريق أعمال مادية من تابعي الإدارة  و هو التعدي المادي، و كل هاته الحالات تعتـبر غـير مشروعة لمـا شـابها  مـن عيوب تصل الي حـد الانعدام .

المطلب الأول / العـمل الإداري الغـير مشروع

            مبدأ  المشروعية هو المبدأ الذي يحكم جميع الأعمـال القانونية للإدارة و الـــذي يشـكل ضـمان  حقـيقي لاحترام الحقوق و الحريات الأساسية للمخاطبين بهذه القرارات،  و هذا لـمنع تعسفها في ممارستها لأعمال السلطة العامة، و عليه فإن أي قرار إداري يخرج عن هذا المبدأ يشـكل حالـة من حالات التعـدي. 
إن البحث في مشروعية القرار الإداري يدفعنا للبحث عن العيوب التي تشوب هذا القرار لكي يصبح  غير مشروع، فهذه اللامشروعية قد يكون مصدرها صـدور القرار من جهة غير مختصة و قـد يكون القرار صادر من المختص بذلك لكن الأشكال و الإجراءات الصحيـحة لإصداره لم تحـترم، أو أنها أصـدرته مخالفة للقانون كأن يصدر مجاملة لبعض الأفـراد أو علي سبيل الانـتقام أو التأديب، أو صدر بناء لنص قانوني أسيء فهمه أو أن السلطة مصدرته انحرفت عن صلاحياتها أو أسـاءت استعـمالها.
و دون التطرق للجدل الفقهي حول هذه العيوب ما يهـمنا هو أهم حالات اللامشروعية  التي قد تصـيب القرار الإداري و هي كما يلي / 
* عدم الاختصاص/ و أكثر العيوب شيوعا التي يمكن أن تعيب القرار الإداري، و نظـرا لتعلقه بالنـظام العام فلا يمكن للإدارة أن تصححه بإجراء لاحق ، و عرفه الفقه بأنه عـدم القدرة علي ممارسـة عـمل قانوني لأنه  من صلاحـية هـيئة أخري و يمكن أن يأخذ عـدة أوجـه أخطرها اغتصـاب السـلطة  

لأن الأصل هو توزيع الاختصاصات في الإدارة علي أساس الصـلاحيات و الزمان و المكان، فإذا خالف رجل الإدارة مصدر القرار قواعد الاختصاص كان قراره الإداري معيـبا بعيـب عـم الاختصاص، فإذا
أصدرت جهة إدارية قرار إداري يتعلق بالملكية العقارية الخاصة بالأفراد دون أن تكون مختصة تكون قد اعتدت عليها،  فقد اقر المجلس الاعلي هذا في قراره الصادر في 20 جانفي 1967  حينما اتخـذ الوزير تدبيرا بالوضع تحت حماية الدولة بينما تعود هذه السلطة للوالي
و لكن وجدت بعض الظروف الاستثنائية تبرر عدم احترام هذه القاعدة  فيكون قرار إداري مشروع، هذا ما أقره المجلس الأعلي في قراره " ... إن تدبير الإستيلاء اتخذ من طرف جيـش التحرير الوطـني في جويلية 1962 بينما تعود هذه السلطة اعتياديا لعامل العمالة ، و بمـا أن جيش التحرير الوطني كان آنذاك السلطة الوحيدة الموجودة للتقرير فإن هذا التدبير يعتبر صحيحا " 
* وقد يعاب علي القرار عدم  احترامه الأشكال و الإجراءات لأنه و لإصدار قرار إداري يجـب مراعاة بعض الأشكال و الإجراءات و التي قـد تكون كثـيرة و ثقيـلة، و لكنها  تشكل ضمانات  للمـخاطـب بالقرار الإداري ويجب احترامها ، ففي قـراره الصـادر بتاريخ 27/12/1967  اعتـبر المـجلـس أن تخصيصات المساكن الصادرة من الوالي حدثت في شـروط غير نظامية خطيرة  تشكل معـها تعديـات و ترتب مسؤولية الدولة لأن هذه المساكن جري تخصيصها لمستأجرين باعتبارها أملاك شاغرة في الوقت الذي لم يصدر بشأنها أي قرار مسبق يعلن حالـة الشـغور. 
و عليه فقد  حدد المشرع الإجراءات الواجب إتباعها و احترامها من طـرف الإدارة أثناء مباشرتها لكل العمليات الماسة بالملكية العقارية للأفراد كنزع الملكية للمنفعة العمومية لأن حـق الملـكية بصفة عامة خصصت له القوانين حماية خاصة 
و في قراره الصادر في 8/ 10/ 2001 قضي مجلس الدولة في قضية بين مزيمي فطومة ضد بلدية أولاد موسي بإبطال إجـراءات نزع الملكية بسبب عدم إجراء التحقيق المسـبق مـع الأمـر بإرجاع الأرض المنزوعة لصاحبها ، لأنه لا يوجد لا تحقيق  و لا تبلـيغ، و أن عدم احترام هذه القواعد يعد مشوبا بعيب مخالفة القانون فيبقي إذن التصريح بأن نزع الملكية وقع خرقا للـقانون و بالتالي يعتبر كأن لم يكن و كذا الإجراءات التابعـة لــه. 




و كذلك القرار الصادر بـتاريخ 15 يوليو 1989 عن  المجلس الأعلـي القاضي بإبطـال مقرر والـي البويرة الصادر بتاريخ 11 يونيو 1985 لعدم احترامه لإجراء مسبق عـند قيامه بضـم قطـع أرضـية الي الاحتـياطات العقارية و المتمثل في إجراء تحديد الاحتياجات العائلية.
* مخالفة القانون  / قد يكون سبب لا مشروعية القرار الإداري راجع إلي مخالفته للقانون،  وهو  عندما يخالف القرار القواعد الدستورية أو التشريعية و التنظيمية، و يتمثل موضوع القرار في الآثـار القانونية التي ينشئها و هي مجموعة من الحقوق و الواجبات المتولدة عن هذا القرار  و صور مخالفة القانون هي/
عدم تطبيق القانون  يتمثل في المخالفة الصريحة لأحكام و مبادئ قانونية فقد تتـعمد الإدارة و تمتنع عن عمل يحـتمه القانون، و مثاله القرار الصـادر عن المـجلس الأعلى _الغرفة الإدارية_ في قضية السيدة ريفارشون ضد قرار والي ولاية الجزائر و الذي تتلخـص وقائعه في أن الوالي بتاريخ 08/ 02 /1972 أصدر قرارا أعلن فيه عن حالة شغور مسكن السيدة ريفارشون مستندا في ذلك علي المـادة  الأولي من المرسوم رقم 63 /88 المؤرخ في 18/ 03 /1963، و المتضمن تنظـيم الأملاك الشاغرة  ومما جاء في حيثيات القرار السالف الذكر " حيث أن الإعـلان بالشغور لا يقترن بحضـور أو غياب صاحب  الملكية من الجزائر ، بل تنفيذ أو عدم تنفـيذ المالك لالتزامه ، و حيث أن والي ولايـة الجزائر بإعلانه  لشغور ملكية المدعية التـي لم تترك الجزائر لمدة شهرين متتاليين و هذا منذ 01 /06 /1962 و لم تتخـل عن التزاماتها كمـالكة ، قـد  تخرق القانون بصـفة واضحة و تجـاوز سلطته  و قضـي بإلـغاء القـرار المخـاصم لمخـالفة الـقانون "
أو كأن تصدر الإدارة قرار مؤسسة إياه علي مادة قانونية أسيء فهمها  و تنتج هذه الوضعية عن الخطأ في تفسير القاعدة القانونية التي استندت إليها في إصدار قرارها، و هذا بإعطائها معنا مغايرا للمعني الذي قصده المشرع ، ففي قرار المجلس الأعلي الصادر بتاريخ 18 أفريل 1969  الـذي ألغي قـرار لعامل العمالة محددا فيه تعويض شغل سكن شاغر، لأن النسبة تتجاوز تلك  المحددة  في النصوص السابقة على الشغور  في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو لائحي مخالف ، فليس علي المعني أن يدفع للدولة التي حلت محل حقوق المالك الأول  إيجارا أعلي من ذلك الذي يدفعـه لهـذا الأخـير "
* كما قد يكون القرار غير مشروع لعـيب السبب و هو كما عرفه الفقه انعدام الوقائع المادية و القانونية أو وقوع خطأ في تقديرها و تكييفها خلال صدور قرار معين   و يتمثل في / 


* عدم صحة الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في إصدارها للقرار المخاصم 
* عدم ملائمة القاعدة القانـونية للـوقائع المادية و هو التكييـف الـقانوني للوقائـع 
 فيكون الخطأ في تقدير الواقعة في حالة الخطأ في صحة الواقعة أو تكييفها القانوني، و هذا بالتأكد مما إذا كانت تلك الوقائع  الماديـة تبرر تطبيق النـص القانوني المستند إليه ، و المـجلس الأعـلي باستعـماله لهذه الرقابـة علي الملائمة القاعدة القانونية للوقائع و هي عملية التكييف القانوني توصل إلي إلغاء بعض القرارات، ففي قضية تومارون تم بقرار من والي الجزائر تأميم  أملاك المعني ، تطبيقا للمرسوم الصادر في أول أكتوبر 1963 الذي يجيز تأميم الإستغلالات الزراعية العائـدة للأجانب، إلا أن الأملاك هنا هي ملكية للاستعمال السكني ، فيوجد خطأ في التكييف القانوني الذي يصححه القاضي بإلغاء قـرار المحافظة 
 * الانحراف في استعـمال السـلطة و يقصد به هو استخدام الإدارة لسلطتها من أجل تحقيق غاية غير مشروعة، و أن هذه الهيئة التي ترتكب الإنحراف في السلطة تتخذ قرارا يدخل في اختصاصها ، مراعية الأشكال المحددة ، و لكنها تستعمل سلطتها لأسباب أخري مخالفة لما هو محدد في النصوص المستند إليها و ما يميز هذه الحالة عن الحالات الأخرى هو أنه و لاكتشاف الانحراف بالسلـطة فإنه من الضـروري البحث عن نية مصدر القرار، و التي تتطلب التمييز بين البواعـث و الدوافع له   فـقد يكـون الهـدف منه هو تحقيق غرض أجنبي عن المصلحة العامة كالأغراض الشخصية 
كما يمكن أن يكون الإنحراف  بالإجراءات و تتمثل هذه صورة في لجوء الإدارة من أجل تحـقيق أهدافها إلي استعمال إجراء قانوني بـدل الإجراء القانوني الملائم و المحدد قانونا من أجل بلـوغ نفس الأهداف  و أكثر الحالات تطبـيقا لهذه الصـورة هو لجوء الإدارة المختصة إلي استعمال إجراء الإستيلاء من أجل بناء مرافق عامة  بدل إتباع الإجراء القانوني السليم و هو نزع الملكية للمنفعة العامة، و هذا مـا كرسـه المجلـس الأعلي ـ الغرفة الإدارية ـ في قراره الـصادر في 02/07/1965 في قضية شـركة عيـن فخارين ضد الدولة 

المطلب الثاني  / العمل المادي الغير مشروع 


يري الفقيه الفرنسي  دلـو باديـر  أنه " يكون  اعتداء مادي عندما ترتـكب الإدارة بنشاط مـادي ذي طبيعة تنفيذية، عدم المشروعية واضح و جسيم من شأنه أن يتضمن اعتداء علي حـق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات الأساسية "

و لهذا لا يجوز للأمر الإداري أن يعتدي علي حق الملكية و حق الحرية الشخصية، و لو حاز شكــله القانوني لأنه حرمان الشخص من حيازة ما يملكه من عقار، يعتبر الأمر الإداري في هذه الحالة قد فقـد الصفة الإدارية و أصبح عملا من أعمال التعدي المادي أو الغصب.
و يتجسد التعـدي المـادي في حالات عـدة أهمها /
ـ انعدام الأساس القانوني
ـ عدم احترام الإجراءات
ـ عدم إتمام الإجراءات
أ / ـ الاعتداء المادي لانعدام الأساس القانوني : يتحقق الاعتداء المادي عندما تقوم الإدارة بعـمل  لا يرتبط بتطبيق نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحق من الحقوق الأساسية و هو حق الملكية   و هنا تصرفات الإدارة تكون مشـوبة بخطأ جسيم
وبفعل التعدي المادي تفقد الإدارة الامتيازات التي تتمتع بها كسـلطة عامة و تعـامل معـاملة الأفـراد و هـذا لفداحة الخـطأ المنسـوب للإدارة، و في اجتهادات المحكمة العليا من خلال قـرارات عـدة حـددت مـوقفها مـن التعدي المادي للإدارة
فـجد القـرار الصـادر فـي قضـية رئيـس البلـدية و (د ب) و(ع ع) بـتاريـخ 23/ 11/ 1985 
جاء فيه " .... يتحقق عندما تقوم الإدارة بتنفيذ عمل بالقوة غير مرتبط بتنفيذ نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحرة أساسية أو بحق الملكية "
و يتحقق هذا الاعتداء المادي بـعد تنفيذ مشروع لقرار مشوب بمخالفة جسيمة تمس بحق الملكية ، لـذا نجد حالات الاعتداء المـادي لانعدام الأساس القانوني نادرة جدا علي القضاء لأن القاضي عندما يطرح عليه النزاع يصعب عليه التفرقة بـين الخطأ البسيط و الخطأ الجسيم مما يدفعه إلي إلغاء العمل الإداري علي أسـاس دعوى تجاوز السـلطة و ليس علي أساس الاعتداء المادي.
ب /ـ الاعتداء المادي لانعدام الإجراءات : تتحقق هذه الحالة عندما تقوم الإدارة بتنفيذ عمل إداري حتى و إن كان مشروع ، خارج حالات التنفيذ الجبري المسموح به للإدارة، كتهـديم مباشر من طرف الإدارة لعمارة مهددة بالانهيار دون قـرار إداري مسبق يحدد ضرورة تهديمـها لأن فيه مسـاس بحق الملكية العقارية ، و هي تشكل أكثر حالات الاعتداء المادي، فعندما يتعـلق الخطـأ الجسـيم بالحريات الفردية  و حق الملكية فإن القضاء الإداري يعلن حالة الاعتداء المادي.

ج /ـ الاعتداء المادي لعدم إتمام الإجراءات : تتبع الإدارة الإجراءات القانونية التـي أوجبـها النـص التشريعي و لكن دون صرف التعويض المستحق عن هذا العـمل مخـالفة بذلـك الدسـتور و أحـكام القانون ، فالمحكمة العليا استقرت علي اعتبار أن مخالفة عـدم ايداع مبلـغ التعـويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة لدي الخزينة العمومية تشكل اعتداء مادي يرتب مسؤولية الإدارة ، و قد حاولت الحـد من تصرفات الإدارة إذا كانت تتعسف في نقل الملكية بدون تقديم التعويض القانوني ، أو ايداع مبلغ التعويض لدي الخزينة العامة.
ما يمكن أن نخلص إليه أنه في أي من هذه الحالات الثلاثة تفقد أعمال الإدارة مشروعيتها، حتى و لو كان في صورة قرار إداري، و يصبح مجرد عمل مادي غير مشروع.
* و لتقوم حالة التعدي المادي لابد من قيام عدة عناصر أهمها مايلي/ 
أن تكون عدم مشروعية العمل جسيمة و ظاهرة ، بحيث يفقد هذا العمل الصـفة الإداريـة يخـرج عـن حدود المشروعية و يجعله  منعدم الصلة بوظائف السلطة العامة، و يتحـقق هذا الشرط إذا لجأت الإدارة الي التنفيذ المباشر في غير الحالات الاستثنائية المحددة بموجب نصوص قانونية و بالتالي يدخـل في عـداد الأعمال التعسفية.
أن ينتج عن العمل المادي مساسا كبيرا بحق الملكية و بالحقوق العينية الأخرى و بالحريات الأساسية.
أن يرتبط بإجراء مادي تنفيذي ، إذ لا يكفي اتخاذ قرار من جانـب الإدارة و إنما يجب أن تبادر الإدارة في تنفيذه ماديا ، أو شرعت في التهيئة للتنفيذ فالقرار الإداري مهما بلغت عدم مشروعيته لا يمكن أن يكون عملا من أعمال التعـدي إلا إذا انتقـلت الإدارة مـن مرحلة  إصـدار القرار إلي مرحلة التنفيذ الفعلي له.

المطلـب الثالث / القـرارات الإدارية المعدومة 


القرار الإداري المعدوم أو غير الموجود هو القرار المشوب بعيب يصل إلي درجة من الجسـامة بحيث يجرد من صفته كـقرار إداري و يجعل منـه عمل مادي ، و يعتـبر قـرار منـعدم الوجـود بأثــر رجـعي بحيث يعتبر كأن لم يكـن  


و ذلك لأن هذا الانـعدام يجرد العـمل الإداري من صفـته الإدارية و يجعـله عمل مادي،  و قد فرق القضاء الإداري بين القرارات المعيبة بعيب من عيـب عدم المشروعية، و القـرارات الإدارية المعدومة التي تكون مشوبة بعيب جسيم يحولها إلي أعمال مادية بحتة
 إن الفقهاء حاولوا تحديد المعيار الذي يفرق بين درجة انعدام القرار و درجة بطـلانه ، فنجـد الفقـيه الفرنسي "لافيـير"  و الذي وضع حجر الأساس لنظرية القرارات المنعدمة ، بحيث أتي بمعيار اغتصاب السلطة الذي حدد حالتين لاعتبار القرار منعدما/
* الأولي صدور القرار من فرد عادي أجنبي عـن الإدارة لكن هذه الحالة يصعب تصورها في الواقع الحـالي 
* الثانية هي حالة قيام السلطة الإدارية بإصدار قرار يدخل في اختصاص إحدى السلطتين التشريعية أو القضائية  
كما يعتبر القرار معدوما في حالة عدم الوجود المادي له، و يتحقق ذلك في صورتين /
* صورة توهم الإدارة وجود قرار لم يوجد بعد كأن ينسـب القرار خطا للسلطة الإدارية، أو كأن يكـون القرار في مراحل التكوين و لم يتعد الخطوات التمهيدية
* أما الصورة الثانية فتحدث في حالة صدور قرار إداري ثم يصدر قرار يسحبه أو يلـغيه من الجـهة الإدارية فإن القرار يصبح معدوما
أما ما يهمنا في هذه الدراسـة هي حالة اغتصاب السلـطة الإدارية علي صـلاحيات باقي السـلـطات 
يفرق الفقه و القضاء في مجال الاختصاص بإصدار القرار بين درجتين لعيب عدم الاختصاص، الأولـي تتمثل في عدم الاختصاص البسيط أو العادي الذي يعيب القرار الإداري، و يجعله قابلا للإلغاء عند الطعن 
فيه أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء، أما النوع الثاني فيتجسد في عيب عـدم الاختصاص الجـسيم و الذي أطلق عليه باغتـصاب السلطة الذي يتـرتب عليه اعتبـار الـقرار الإداري منعدما و عديـم الأثر
و تتمـثل في الحالات التـي يتخذ فيها قـرار إداري سواء من شخص أجنبي تـماما عن السلم الأعوان الإداريين ، أو من سلطة إدارية التي تعتدي علي اختصاصات السلطة القضائية أو التشريعية مخالفة بذلك المبادئ القانونية الأولية، هذا الشكل من عدم الاختصاص هو الأكثر جسامة ولا  يؤدي بالقاضي فقط الي التصريح بان القرار باطل بل هو معدوم، و بالتصريح بالانعدام فان القرار يعتبر حكم الفعل المادي ليس له و لا يمكنه مطلقا ترتيـب أية اثار قانـونية.

 
عندما يكون العيب جسيما يصل إلي حد الغصب و يعتبر القرار بالتالي منعـدما و يترتـب علـي ذلـك أن القرار يفقد صفته الإدارية و يقول القضاء أن الغصـب ينـزل بالقرار إلي مرتبـة الفعـل المـادي و الدعوى هنا لا ترمي إلي إلغاء القرار و إنما إلي تقرير انعدامه  
 إن القضاء الجزائري لا يأخذ بنظرية الانعدام إلا نادرا و لا يصرح بها في منطوق القرار القضائي، بل يكتفي بعبارة الإبطال مـع الإشارة بأن القضـاء ين المصري و الفرنسي هما الوحيـدان اللذان يشيران بصراحة إلي العيب الذي يشوب القرار الإداري  
مع الإشارة أن القاضي الإداري هو المختص للفصل في القضية إذا كنا بصدد قرار منعدم  حسب المعيار العضوي المكرس في المادة السابعة من قانون الإجراءات المدنية   
و علي ذلك قضت الغرفة الإدارية للمحكمة العـليا بتاريخ 06 يوليو 1997 في قضـية والي باتنة ضد (ن ع ) قضي بتأييد القرار القضائي و القاضي بإلغاء قرار والي ولاية باتـنة المـؤرخ في 9 أفريل و المتضمن إلغاء استفادة المستأنف من استغلال الأرض الفلاحية
فمرسوم 90 / 51 جعل إلغاء الاستفادة من اختصاص القضاء دون سـواه و ليـس للـوالي القيام بذلك وفضلت المحكمة العليا عبارة " عيب تجاوز السلطة " بدلا من اغتصاب السلـطة  
 إن أغلب حالات عيب عدم الاختصاص الجسيم و المتمثلة في اغتصاب السـلطة في الجـزائر تتعـلق باعتداء السلطة الإدارية علي اختصاصات السلطة القضائية، فالإدارة غالبا ما تقوم بعـمل مـن صمـيم اختصاص القاضي العادي، و علي ذلك قضي المجلس الأعلي ( الغرفة الإدارية) بإبطال القـرار الإداري الصادر بتاريخ 13 / 12 / 1981 عن لجنة النزاعات التابعة للبلدية الذي فصل في أصل الملكية بين أحد الملاك الخواص و مستأجر لأملاك الدولة، و قد توصل المجلس  في قراره إلي أن " ... حيث أنه ليـس من سلطات الرئيس أو المجلس الشعبي البلدي الحلول محل الجهة القضائية ، و البت في قضايا الملكية أو شغل مكان ما يخص المواطنين ، إذ أن دورها يـجب أن لا يتعدي تحقيق المصالحة بين الطرفين ، حيث أن القرار المتخذ بالتالي علي النحو السابق عرضه  مشوب بعيب تجاوز السـلطة الواضح ...." و بالتالي فإن قرارها يعتبر منعدما  ، و رغم أن المجلس الأعلي لم يصرح بذلك  فالقرار الصادر عن البلدية يعتبر و كأنه عملا ماديا و ليس له صفة القرار الإداري و علي ذلك فالمجلس الأعلي لا يجد أمامه قرار إداري 


ليبطـله، بل يجـد أمامه قرارا منعدما و لا يصدر قرارا قضائيا منشئا و إنما قرارا مقررا و مصـرحا بحالة الانعــدام 
و في  قرار ممـاثل لمجلس الدولة صادر في 31 جانفي 2000 قضية والي ولاية قسنطينة ضـد جبالي حسين، قضي مجلس الدولة بتأييد قرار مجلس قضاء قسنطينة المـؤرخ في14 /12/1996 و القاضـي بإبطال قرار الوالي ".... و حيث أنه في إطار تطبيق المادة 28 من القانون 87/19 و بموجـب المرسوم التنفيذي رقم 90/51 المـؤرخ في 6/02/1990 قـامت المـصالح الفلاحية بالتـعاون مـع  مصـالح الأمن ، بالانتقال إلي مكان ممارسة المستأنف عليه لحق الانتفاع ، و استخلصت بأن المزرعة حولت من طبيعتها الأصلية إلي ميدان يمس بالنظام العام ، مما أدي اتخاذ العارض قـراره المؤرخ في 12 فيفـري 1996 و المتضمن توقيف المستأنف عليه من الانتفاع الممنوح له  في إطار القانون، و حيث أن العارض لم يقدم أي دليل يفيد تغيير الوجهة الفلاحية للأرض موضوع النزاع .... و حيث أن العـارض بعـد أن اجري مقارنة بين نصي المادتين 28 من القانون رقم87/19 و الـمادة 04 من الـمرسوم التنفـيذي رقم 90/51 حاول ابتداع اجتهاد خارج إطار هذين المرجعين القانونين للحالات التي  يتوقعها المشرع، والتي تعد مخالفات من شانها أن تؤدي الي سقوط حق المستأنف عليه في ممارسة حق الانتـفاع بدعوى وجود واقعة تمس بالنظام العام ... و حيث أن القول بجـواز الاجتهاد خارج الإطار القانوني فيه مساس صريح بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 18 من الدستور..... حيث متى كان ما تقـدم فان  الاستئناف غير جدير بالقبــول " 
 فعندما تتخذ السلطة الإدارية قرار هي مختصة باتخاذه ، واتبعـت بشـأنه إجراء صحيـح باحـترامها للمواعيد ، لكنها أسسته علي أساس قانوني يشوبه الغـلط بالرغم من وجود الأساس القانوني المـبرر له فان القاضي عوضا عن إبطال القرار فانه يسـتبدل الأسـاس القانوني الذي أخذت به الإدارة بالأسـاس القانوني الذي يمكن له أن يصلح كأساس للقرار المرفوعة ضـده الدعـوى.


المبـحث الثـاني  بعـض أوجـه التعـدي علـي الملكية العـقارية الخاصة 


             إن نزع الملكية، التسخيرة أوالاستيلاء و الشغل هي من الأساليب الجبرية التي  تسمح للإدارة في سـبيل تحقــيق الصالح العـام، بإلـزام الشخص المقصود بالتـنازل عن أمـواله بمـقابل مـالي 
 كما أن القوانين الخاصـة المنظمة لهذه الأساليب  تنظم قانونيا  الإجراءات الخـاصة و الحـالات  التي يمكن أن تستـعمل فيها و التي يجب احتـرامها لإضـفاء المشروعية علـي أعمال الإدارة هاته ، و هي عـبارة عن ضمانات للأشخاص المـنزوع ملكيتـهم تحقيقا للمنفعة العامة بمفهـومها الواسع ، و علـيه فإن كل إخلال بهذه الإجراءات يشكل مســاسا بهذه الضـمانات، و الذي يمس بحق من الحقوق المحمية بموجب الدساتير و قوانين الدول و هو حق الملكية العقارية ، و عليـه سنحاول إســقاط مظاهر التعدي المذكورة أعلاه علي هذه الأساليب 
ولهذا سنتناول في هذا المبحث بعـض الحالات اللامشروعة لم تحترم فيها الإجراءات الخاصة و المنظمة لهذه الأساليب ، و  التي تكيف حقيقة علي أنها تعدي علي الأملاك العـقارية الخاصـة بالفرد من خـلال نزع الملكية للمنفـعة العمومية غـير المشـروع ( المطـلب الأول )  ومن خـلال نظـام الاستيـلاء و الشـغل ( المطلب الثاني) 

المـطلب الأول / نـزع الملـكية للمـنفعة العـمومية الغـير مـشروع

         نزع الملكية للمنفعة العمومية وسـيلة  تنتهجها سائر دول العالم التي تسعي إلي تحقيق المصلحة العامـة عن طريق اللجوء إلي استعمال الملـكية الخاصة من أجل إنجاز مشاريع تسعي مـن خلالها إلي تلبـية حاجيـات المرفق العام ، و لأن هذه العملية تنصب علي الملكية العقارية الخاصة فهـي إجـراء خطـير مادامت الملكية هذه محمية بموجب المواثيق الدولية كإعلان حقوق الإنسان والدسـاتير الدوليـة 
و في هذا الصدد نصت المادة 20 من الدستور الجزائري لسـنة 1996 علي أنه " لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون و يترتب عليه تعويض عادل، قبلي و منصف "
و في هذا الإطار ظهرت مجموعة من النصـوص القانونية الغرض منها القيام بعمـليات نـزع الملكية بصفة شرعية و كذا ضمان حـقوق منزوعي الملكية ، فجـاء قانون 91 /11 المــؤرخ في 27 أفريل

  

1991  الذي تناول في مضمونه المبادئ العامة التي تضبـط سير عمليات نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ، و قـد استكمل هذا النص التشريعي بنص تنظيمي و هو المرسوم التنفيذي  93/ 186 المؤرخ في 27 يوليو 1993   و قد عدل هذا النص بموجب المرسوم التنفيذي 05/ 248 المؤرخ في 27 أفريـل  2005
تعرف عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية بأنها عملية استثنائية لاكتساب أموال و حقوق عقارية لا تتم إلا إذا أدي انتـهاج الوسائل الوديـة إلي نتيجة سلبية، و هـذا إضافة إلي أن نزع الملكية يـخول الإدارة صــلاحيات إجبار المواطنين علي التنازل عن أمـوالهم و حقوقهم العقارية لفائدتها  أو لفائـدة الهيـئات أو المؤسسات المختلفة بشرط أن تقصد عملية تتعلق بالنفع العام و أن تقدم تعويضـات مسبقة و عادلـة و منصــفة 
تخضع إجراءات نزع الملكية إلي قواعد تضمنها قانون 91 /11 تهدف أساسا إلي حماية الملكية الفردية مـن تصرفات الإدارة  و من التجاوزات و الالتباسات التي  قد تمس بمصداقية الإدارة و تجـرد عملية نزع الملكية من روحها و هي المنفعة العامة ، و تعتبر هذه الإجراءات من المسائل المتـعلقة بالنـظام الـعام  بحيث تؤدي مخالفتها لإبطال قرارات الإدارة و لقيام مسؤوليتها 
و تتمثل الإجراءات العادية لنزع الملكية في خمسة مراحل /
ـ التصريح بالمنفعة العمومية هو إجراء أساسي يجب أن يبين أهداف نزع الملكية المزمع القيام بها   
ـ التحديد الدقيق للأملاك المطلوب نزعها و هوية مالكيها 
ـ تقرير شامل عن الحقوق و الأملاك محـل النـزع 
ـ إقـرار إداري بقابلـية الأمـلاك للتـنازل 
ـ قرار إداري بنقل ملكية العقار إلي ملكـية الدولة و هو قرار نزع الملـكية للمنـفعة العــمومية
إن القانون الأساسي الجزائري عند انتهاجه وسيلة نزع الملكـية من أجـل تحقيق المنـفعة العامة، اهتـم بوضـع تدابير و إجراءات وقائية من شأنها حماية حقوق الأفراد من أي تعسف أو إخلال بالشرعية  أثناء القيام بهـذه العملية هذه اللامشروعية التي قد تظهر من خلال / 



أ / ملائـمة المنـفعة العـامة 
إن قانون 91 /11 قد أعطي للإدارة سلطة تقديرية واسعة في تحديد المنفعة العامة، و نصت المادة الثانية منه علي بعض العلميات التي تكتسي طابع المنفعة العامة، و هذا على سبيل المثال و ليس الحصر وهـي 
ـ عمليات التعمير و الهيئة العمرانية 
ـ عملـيات التخـطيط 
و لهذا فإن  قيام المنفعة العامة هو الركن الأساسي الذي يرتكز عليه قـرار نزع الملكية و بدونه لا يكون لهذا القرار أي كيان قانوني، هذه المنفعة التي عرف مفهومها و ما يزال يعرف تطورا مسـتمرا يجـعل سلـطة الملائمة للإدارة  واسعة  في تحديد هذا النفع العام، مما قد يؤدي في كثير من الأحيان إلي تعسف الإدارة بتحريك إجـراءات نزع الملكية ، فهل يعني هذا أنه تحت عنوان المنفعة العمومية قد ينتـهك حق الفرد في الملكية الخاصة  ؟
نبحث أولا في الاجتهاد القضائي الفرنسي الذي وضع حد لتوسيع السلطـة التـقديرية للإدارة في تحـديد المنفعة العامة و هذا بموجب النظرية التقييمية ، بحيث أصبح  القاضي يراقب مجال الملائمـة للإدارة في تحـديد المنفعة العامة و يحل محـل الإدارة في تقيـيم و تقـدير أن  محاسـن ومسـاوئ المـشـروع تـناسب المنفعة الـعامة المصرح بها، و لا يمـكن التصـريح بالمـنفعة العامة إلا إذا كـان المسـاس بالملكـية الخاصة والتكلفة المالية للمشروع و المساوئ الاجتماعية لا تفوق المنافع الناتجة عنه 
بالرجوع إلي القوانين المنظمة لعملية نزع الملكية نجد سلطة الإدارة واسـعة في تقدير النفع العام، و لكن للحد منها غالبا ما نجد الإدارة تقوم بوضع أطر و قواعد لتطبيق مبدأ المشروعية عن طريـق مناشـير و توجيهات هي مـلزمة باحتـرامها و في هـذا الإطـار  نجد التعليمة 07 المؤرخة في 11/ 05 /1994 تبنـت صراحة النظرية التقييمية إذ جاء فيـها أنه لا يمكن أن يكون  للمشروع  طابع المنـفعة العمومية إلا إذا كانت مساوئه بالمقارنة مع المساس بالملكية الفردية و القيمة المالية لإنجازه و الأضرار الاجتماعية المنجرة عنه أو المساس بمنافع عمومية أخري لا تفوق المنافع التي يحققها المشروع




وفي إطار البحث عن النصوص القانونية  التي تدعم سلطة القضاء في مراقبة السلطة التقديرية للإدارة في تحديد المنفعة العامة نجد القانون رقم 01 /20 المؤرخ في 12 / 12 / 2001 المـتعلق بتهيـئة الإقليم و تنميته المستدامة قد كرس مبادئ قانونية جديدة أوجب علي الإدارة احترامها و تطبيقها 
و من خلال كل ما سبق نخلـص إلي أن القرار الإداري الذي لا يهدف إلي التصـريح بالمنفعة العمومية ولا يخضع لهذه لقواعد يعتبر غير مشروع تعدت من خـلاله الإدارة علـي حقـوق و مـراكز المـلاك
و من بين القرارات القضـائية التي  تؤكد علي قدسية هذه الحقوق نجد القرار رقم 62458 المؤرخ فـي 19 / 03 / 1991 جاء فيه "من المقرر أن الوالي يحدد بموجب قرار نزع الملكية قائمة القطع أو الحقوق العينية العقارية المطلوب نزع ملكيتها ، إذ كانت هذه القائمة لا تنجم عن التصريح بالمنفعة العمومية و من ثم فإن مقرر الوالي في ـ قضية الحال ـ لنزع الملكية من أجـل حيازة الأراضي لإنجاز طريق يربـط بين قريتين دون أن يشـير إلي تحقيق المنـفعة العامة و  لا إلي مقرر مصرح بالمنفعة العامة يعد مخالفا للمقتضيات الـقانونية المشار غليها أعلاه " 
و في قرار أخر صادر بتاريخ 13/ 04/ 1998 تحت  رقم 157362 أكدت الجـهات القضائية المختصة ذلك جاء فيه " من المقرر قانونا أن نزع الملكية لا يكون ممكنا إلا إذا جاء تنفيذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير .... و لما كان ثابتا في قضية الحال بأن القطعة الأرضية محل نزع الملكية التي منحت للبلدية ـ لإنجاز مشروع ذو نفع عام ـ قد جزئت للخواص و سمحت لهم ببناء مساكن فردية مخالفة لأحكام المادة الثانية  من القانون رقم 91 /11 و متى كـان الأمر كـذلك استوجب إلغـاء القرار المطعون فيه " 
و لما كان إجراء استثنائي يمس بحقوق و ممتلكات الأفراد اوجب  المشرع الإدارة باحترام مجـموعة من الشكليات، فأحيانا يشترط  من الإدارة أن تسبب قراراتها ، و قد يكون التسبيب إجراءا شكلـيا جوهـريا عندما تتطلب ذلك طبيعة التصرف الصادر عن الإدارة، و علي ذلك قضـت المحكمة العلـيا بتاريخ  10 مارس 1991 بإبطال مقرر والي ولاية تيزي وزو المؤرخ في 10 جانفي 1987 لمـخالفة المادتيـن 3 و 4 من الأمر الصادر في 25 ماي 1976  اللـتان توجبان عليه تسبيب قراره المتـضمن نـزع الملكية للمنفعة العامة ، وهذا بالإشارة إلي تحقيق المنفعة العامة و كذا إلي المـقرر المصرح بالمنـفعة العامـة.



* كما أشارت المادة 33 من قانون 91/ 11 إلي أن  كل نزع للملكية يتم خارج الحـالات و الشـروط التي حددها هذا القانون يكون باطلا و عديم الأثر و يعد تجاوزا يترتب عنه التعويض المحدد عن طريق القضاء، جاء المشرع بهذا النص لمنع تعسف الإدارة في استـعمال ما لها من سلطة في تقدير النفع العام  و قد تتجلي هذه الحالة من خلال طلب النزع التام الذي يتقدم به صاحب الملكـية المنزوعة لأجـل نزع الجزء المتبقي من الملكية إثر النزع لمنفعة العمومية بسبب عدم قابلية الجزء المتبقي، و قـد نصت عليه المادة 22 من القانون السالف الذكر ، و لأن القانون لم يحدد المعايير الـتي يجـب أن  يبني عليها هـذا الـطلب لكي تصـبح المطالبة بالنزع التام مؤسسة ، فإنه يثار التساؤل إذا رفضت الإدارة إتمـام نـزع الجزء المتبقي من الملكية باعتبار ما لها من سلطة للملائمة فهي التي تحدد المساحة التي تحتاجها للمنفعة العمومية إن رفض الإدارة هذا يدخل في نظرية التعسف و الذي أشارت إليها المادة  33 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة  
ب/ اللامشروعية الناجمة عن عدم احترام الإجراءات نزع الملكية  و التعويض 
لقد وضع المشرع إجراءات قانونية لابد للإدارة و هي بصدد نزع الأملاك العقارية و الحقوق المرتبطة بها من احترامها و مراعاتها لأنها تشكل ضمانات لحقوق الأفـراد، وفي حالة عـدم احتـرامها يشـكل مساسـا بهذه الحقوق و يجعل هذه القرارات معيبة بعيب تجاوز السلطة و دون التطرق لتفاصيل هـذه الإجراءات يمكـن ملاحظة ما يلي  /
 ـ لكون نزع الملكية للمـنفعة العمومية طريقة استثـنائية لاكتساب الأملاك و الحقوق  العقارية الأمـر الذي يجعل علي الدولة مسؤولية التأكد من أن المستفيد من نزع الملكـية قد قام مسـبقا بمحـاولة وديـة مـن أجـل الحصول علي العين المراد نزع ملكيتها من مالكها الأصلي، لأن المـشرع  يفـرض علـي الإدارة محاولة الاقتناء بالتراضي و يقع عـبء إثبات ذلك علي المستفيد من إجراء نزع الملكية، و قـد ورد ذلك صراحة في نص المادة 2 الفـقرة الأولي من  المرسوم التنفـيذي 93 / 186 علي أسـاس أن ذلك من النظام العام إذ يمـكن للقاضي قد يثيره من تلـقاء نفسه 
ـ يخضع قرار التصريح بالمنفعة العمومية إلي النشر حسب الحالة في الجريـدة الرسمية أو في مدونـة القرارات الإدارية الخاصة بالولاية ، التبليغ لكل واحد من المعنيين و هذا ما ورد في المادة 11 من قانون 91/11 و عليه إذا لم تحترم هذه الإجراءات يكون القرار غير مشروع  يقع تحت طائلة البـطلان 
ـ قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدره الوالي إذا كانت الأملاك و الحقوق العينية العقارية تقـع فـي تراب ولايـة واحـدة، و بموجـب قرار وزاري مشــترك بين الوزير الـمعني و وزيـر الداخـلية 



و الجـماعات المحلية و وزير المالية إذا كانت الأملاك المراد نزع ملكيتها تقع  في تراب ولايتين أو أكثر  و بالتالي فإن القرار الذي لا يحترم هذه القاعدة يعتبر غير مشروع 
ـ قد تنحرف الإدارة في استعمال سلطتها و الذي يظهر غالبا في شكل استبدال الإجراءات و مـثال لهذه الصورة هو لجوء الإدارة المختصة إلي استعـمال إجـراء الاستيلاء من اجل البناء مرافق عامـة بـدل إتباع الإجراء القانـوني السلـيم و هـو نـزع الملكية للمنــفعة الـعامة ، قـرار المـجلس الأعـلى  ـالغرفة الإدارية ـ الصادر في02/ 07/1965 قضية شركة عين فكرون ضد الدولة  و يظهر أن بعـد ما قامت الإدارة بالتصريح بالمنفعة العمومية أصدرت قرار الاستيلاء حتى تضـع يـدها علي الأمـوال دون استيفاء شرط التعــويض . 
حاولت الحكمة العليا في عدة مناسبات الحد من تصـرفات الإدارة التي كانت تتعـسـف في نقل الملكية بدون تقديم التعويض القانوني أو ايداع مبلغ الخزينة العمومية ، فـفي قرارها الصادر 04/ أفريل /1978 السـيد زواوي بوجمعة ضد والي ولاية عنابة يقضي القرار بأن اليد علي الأموال من قبل الإدارة بـدون القيام بإيداع مبلغ التعويض يشكل اعــتداء مادي.

المطـلب الثاني / الاستيـلاء و الشغل  الغـير مشـروعين 


               أحيانا تكون إجراءات نزع الملكية الطويلة و البطيئة عائقا أمام تنفيذ الإدارة أشغال للمنفعة العامة أو لسير المرفق ما ، أو وجود حالة استعـجال قصوى لظروف استثنائية كما حدث إثر زلــزال  بومرداس في 21 ماي 2003، الأمر الذي يستدعي ربمــا  الإستيلاء أو شغـل عــقار أو عـقارات تابعة للأفـراد  و رغـم أن هاذين الأسلوبين من الأساليب الجبرية و التي فيهــما مســاس بحــق من  الحــقوق الأســاسيـة، إلا أنه استـثناءا يجوز للإدارة القيام بهما وهذا بموجب نصوص قانونية محددة و كــل استـعمال لهاذين الأسلوبين خـارج الحدود المقررة قانونا تشكل حالة من حـــالات التعــدي علي الملكية العقارية الخاصة 
سنتطرق للجانب اللامشروع لكليهما في الفرع الأول الاستـيلاء ، أما الثاني سنخــصـصه للشغــل 

الفرع الأول / الإستيلاء الغير مشروع

           قد تستدعي الضرورة تنـفيذ أعـمال المنفعة العمومية علي الـفور بما يتـعارض مع اتـخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العمومية ، و بالتالي تقوم الجهة القائـمة علي تنـفيذ المشروع  بالاستيلاء الفـوري علي العقارات اللازمة لتنفيذه أو الإستيلاء علي أجزاء معينة من عقارات معينة   
و هي وسيلة مثلها مثل نزع الملكية للمنفعة العمومية ترمي إلي إجبار المواطنين علي التنازل علي أموالهم نصت عليه المادة 679 من قانون المدني كما يلي " يتم الحصول علي الأموال و الخدمات  لضمان سيـر المرافق العمومية باتفاق رضائي وفق الحالات و الشروط المنصوص عليها في القانـون 
إلا أنه يمكن في الحالات الاستثنائية و الإستعجالية و ضمـانا لاستمرارية  المرفق العمومي ، الحصـول علي الأمــوال و الــخدمات عن طــريق الاستـــيلاء 
و لا يجوز الإستيلاء بأي حال علي المحلات المخصصة فعلا للسكن " 
و الإستيلاء قد يكون تمهيدي يمهد لنزع الملكية ، و هو إجراء مؤقت بطبيعته عكس نزع الملكية فهــو إجراء دائم ، و يكون للجهة الطالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر علي العقارات التي تقرر لزومـها   للمنفعة العامة، و الهدف منه هو تمكين الإدارة من العين فعلا حتى تتم إجراءات نزع الملكية 
كما يكون الإستيلاء مؤقتا، بأن تضع الإدارة يدها جبرا علي المالك علي عقار المملوك له لمدة من الزمن مع احتفاظه بملكية العقار، و ذلك لقاء تعويض عادل عن فترة الإستيلاء  
ووضع الإدارة يدها علي العقار لا يكون إلا في الحالات المحددة قانونا و يظل صاحب العـقار طـوال فتـرة الإستيلاء علــيه 
و يحدث الإستيلاء المؤقت في الحالات التالية /
ـ حالة الاستعجال و الضرورة التي تكشف عن ظرف قهري يتطـلب الـتدخل السـريع كالحــرائق الزلزال ، الفيـضانات، تفشـي الأوبئـة.
ـ حالة الظروف الاستثنائية كالحـروب ، اللإضطرابات الأمنيـــة 




ويكون الاستيلاء المؤقت في حالة التي تحتاج فيها الإدارة لعقار من العقارات لمدة مؤقتة لا تبرر نزع ملكيته، و علي ذلك تقوم هذه الأخيرة بالاستيلاء عليه مع بقاء الملكية لصاحبه مع نية رده في نهاية المدة المحددة   
أما الشروط الاستيلاء محددة في المادة 679 من القانون المدني/
ـ الاستيلاء قد يكون فردي أو جماعي 
ـ أن يكـون كتـابيا 
ـ تحديد الأموال المعنية 
ـ تحديد المدة المقررة للاستيلاء 
ـ كيفية التعويض 
ويلاحظ أن هذه الإجراءات مبسطة ، و لم تتطلب لا تعويضا مسبقا و لا تدخل إجباريا للقضاء قبل نقل الملكية ، الامر الذي يؤدي بالإدارة في بعض الحالات الي استبدال نزع الملكية بالاستيلاء ، إلا أن القضاء تفطن لهذا الاستبدال و اعتبره كانحراف بالإجراءات أو بصورة عامة كانحراف السلطة، ففي القـرار الصادر عن المجلس الأعلى ـ الغرفة الإدارية ـ بتاريخ 03/ 03/ 1967 قضية بابوفا ضد الدولة و القرار الصادر بتاريخ 02/ 07/ 1965 قضية شركة غين فخارين ضد الدولة اللذان أعادا تكييف الوقائع من الاستيلاء إلي نزع لملكية مع استبدال النصوص القانونية المستند إليها.
 و في قراره مجلس الدولة الصادر في 14/ 12/ 1989 قضية بوصبع ضد والي ولاية الوادي الذي قضي بإعادة تكييف الواقعة إلي استيلاء بدل نزع الملكية لعدم احترام و إتباع الإجراءات لكون أنه لم يتخذ أي مقرر لنزع الملكية وأنه لم تتخذ أي إجراء التقييم عن نزع الملكية من طرف نازع الملكية .
و تنص 681 مكرر 3 " يعد تعسفيا كل استيلاء تم خارج نطــاق الحالات و الشـروط المحددة قانـونا و أحكام المادة 679 و ما يليها أعلاه، و يمكن أن يترتب عليه، زيادة علي العقوبات الأخرى المنصوص عليها في التشريع المعمول به دفع تعويض يصدر عن طريق القضاء "
و يعتبر الاستيلاء غير مشروع علي ملكية عقارية كل استيلاء تقوم به الإدارة خارج الإطار القانون المدني و قانون نزع الملكية للمنفعة العمومية 
وعرف الفقه الإداري الاستيلاء غير مشروع علي الملكية يتحقق عندما تمس الإدارة حق الملكية العقارية لشخص خاص عن طريق استيــلاء دون احــترام شــروطه


و يتجسد حالة الاستيلاء غير المشروع علي الملكية من خلال عناصره /
عملية الاستيلاء و يقصد بها كل عملية حجز أو المصادرة، وضع اليد كل أو جزء من الملكية الخاصة و لو كان مؤقتا.
أن يكون الاستيلاء غير مشروع ، لقد حدد القانون المدني و قانون نزع الملكية الشروط و الإجراءات القانونية التي تسمح للإدارة بوضع اليد أو الحجز أو مصادرة ملكية العــقارية

 للأفراد و عليه فأي استيلاء يقع خارج هذه الإجراءات يعتبر غير قانوني و بالتالي غير مشروع ، كأن يقع علي المحلات السكنية فالاستيلاء المخالف لهذا الشرط يعد مخـالف للقانون و غـير مشروع ، و في قرار المحكمة العليا المؤرخ 12 جويلية 1986 تحت رقم 42136 " لما كان من الثابت في قضية الحال أن السكن المتنازع فيه مشغول من قبل الطاعنين و أن الشقة المتـنازع فيها غـير مصرح بشغورها  ومن ثم فان قرار والي ولاية عنابة المتضمن الاستيلاء علي هذا السكن يعد مشوبا بعيب خرق القانون و متى كان ذلك استوجب  إبطال القرار المطـعون فيه "
عدم إثبات حـالة الضرورة و الاستعجال لأنه يقع علي عاتق الإدارة ذلك، فإذا عجزت في إثباتها كنا أمام حالة من حالات الاعتــداء المادي و هذا ما توصلت إليه المحكمة العلـيا في العديد من قراراتها 
المشرع الفرنسي استعمل مصطلح d’emprise و التي تعني القرارات الإدارية المتعـلقة بالغصـب و الذي يعني قانونا وضع يد الإدارة علي عقارات الأفراد دون سند من القانون و ذلك بصـفة دائمـة أو مؤقـتة  ، و يتميز الغصب عن الإستيلاء في أن الأول يصيب الملكية العقارية الخاصة ، وهذا بسبب حيازتها مؤقتا أو نهائيا ، عكس الثاني الذي ينصب علي العقارات أو المنقولات غالبا مؤقتة. 






الفرع الثاني / الشغـل غـير المشـروع


              و قد يحدث و أن تقتضي الضرورة استعمال أموال الأفراد لوقت معين من أجل القـيام بأشغال هامة لتحقيق مهمة من مهام المرفق العام، وعليه فإن الأمــلاك العـقارية تكــون قصـد الاستعمال و ليس من أجل الاكتساب، كأن يستعمل قطعة ارض مجاورة لأشــغال شـق طــريق عمومي لتوقيف الشاحنات و الآلات و العتاد لمدة الأشغال ، كما يحدث في الكوارث مثلا كالفيضانات  أين تقوم السلطات شغل أراضي خاصـة بالأفراد بوضع السلع و الإعانـات  . 
هذه العملية كذلك تقتضي شروط و إجراءات بأن يصدر القرار الذي يرخص للمؤسسة المعنـية بشغل القطعة الأرضية عن الـوالي و ذلك بمقابل تحدده الإدارة بعد اتفاق أو بصورة انــفرادية
يختلف الشغل المؤقت عن الاستيلاء لأنه يرمي إلي سير المرفق العام و لكن لإنجاز أشغال تعتبر من المنفعة العمومية 
و قد يكتسي الشغل حقا نهائيا و هذه الحالة يجب تقييم الأضرار المادية و الدائمة الناجمة هــذا الشـغل
نذكر علي سبيل المثال حق شركة الكهرباء و الغاز في إقامة عمود في ملكية الأفراد و هذا بصورة دائمة و هذا ما نص عليه القانون 85 / 07 المتعلق بإنتاج و  نقل و توزيع الطاقة الكهربائية و توزيع الغــاز  المواد من 15 إلي 20 منه.
و رغم أن القصد من الشغل النهائي هو حرمان الأفراد من أموالهم مؤقتا لا يمكن اعتباره كنزع الملكية و هذا حتى إذا كانت الإدارة مجبرة عـلى إجراءات للتحقـيق مشابه للتحـقيق المقرر في نـزع الملـكية
و نفس الشيء يقال علي شغل الأراضي رغم أننا في إطار بحثنا لم نعثر علي أي قرار يخـص الشـغل الغير مشروع ،  فإن أي شغل للأراضي خارج حالات الضرورة أو دون تعويض صاحب العقار يعد تعسفي و غير مشروع. 




المبـحث الـثالـث أنـواع الدعـاوي الناشـئة عن التـعـدي


            إن اللجوء إلي القضاء حق مكفول دستوريا لكافة الأشخاص و هو حق من الحقوق الأساسية التي يراعي المشرع الدستوري في كل دولة قانون وجود النص عليها و كفالته، و هــذا ما نصت عليه المــادة 140 من الدستور جزائري لسنة 1996  و تمثل  الدعوى الوسيـلة القانونية المشـروعة للفرد و الدولـة  للفصل في أي نزاع 
و تستعمل من طرف الأفراد للحصول علي ما يدعونه من حقوق في استـرجاع الملكية وهذا موضـوع المطلب  الأول ، أو إلغـاء القـرار الغـير  المشروع  الذي تضرر منه المخاطب به من خلال دعـوى الإلغاء  أو كما تسمي تجــاوز السلطة في المطلب الثاني ، و حقه كذلك في طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه من عـمل الإدارة و هذا في آخر مطلب أي الثالث 

المطلب الأول / دعوى استرجاع الملكية

            يجيز القانون لملاك العقارات المنزوعة ملكيتهم للمنفعة العامة ، و أصحاب الحـقوق  طلـب استرجاع الأملاك في حالة تخلف انطلاق الأشغال المصرح بها في قرار نزع الملكية ، و يلجــأ الملاك و أصحاب الحقوق إلي المطالبة باسترجاع الأملاك بعد انقضاء المدة المحددة لانطلاق المشروع المـزمع انجازه فـي قرار النزع و تخلف الانطلاق الفعلي 
حيث تنص المادة 32 من قانون 91/ 11 أنه " إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزمع انجازها في الآجال المحددة في العقد أو القرارات التي ترخص بالعملية المعنية يمكن أن تسترجع ملـكية العقار بناءا علي طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق" 
فيجوز طلب استرجاع الأملاك في حالة ما لم يتم الانطلاق الفعلي للأشغال في المهلة المـحـددة بقـرار التصريح بالمنفعة العمومية و بعياره أخري ، لم يقتضي القانون انجاز المنشآت نـهائيا و المطـلوب من القاضي هنا تقدير مدي فاعلية انطلاق الأشغال و في حالة عدم الانطلاق الجدي للأشغال يصرح القاضي وجوبا علي إرجاع الأملاك لأصحابها   


كما تنص المادة 10 من القانون المذكور أعلاه أنه علي الجهة المستفيدة انجاز مشروع المنفعة العامة في خلال 4 سنوات و إلا جاز بعدها للمالك الأصلي المطالبة باستـرداد الـعقار المنـزوع بمـقابل مالي
و قد استجاب القضاء الإداري لمثل هذه الطلبات في مناسـبات عديدة نذكر علي سبـيل المـثال القرار رقـم 71121 المؤرخ في 07/ أفريل / 1990 ".... و لما كان من الثابت في قضية الحال أن الأرض المتـنازع  و التي انتزعت ملكيتها من أجل المنفعة العامة ، لم تلق التخصيص المقرر لها خلال خمس سنوات التاليـة لتبليغ المقرر نزع الملكية ، كما يقتضيه القانون و متى كان الأمر كذلك اسـتوجب إلغاء المقرر المطــعون فيــه "
و قد استقر مجلس الدولة علي هذا المـبدأ في قراره المؤرخ في 25/ 10/1999 تـحت رقم 177767 فـي قضية ب، س،ع ضد ولاية سطيف أين استدل في حيثـياته بالقرار رقم 71121 المذكور أعــلاه 
 و ألغي قرار والي ولاية سطيف المخالف لمبدأ المادة 32 من قانون 91/11
و قد فصلت المحكمة العليا في قضية بوصباع على ضد والي ولاية الجزائر في 17/ 01 /1993 بــأن القرار الخاص بنزع الملكية قد يصبح لاغيا، إذا لم يتم تنفيذه في المدة المنصوص عليها في القانون  طلب إلغاء القرار لإعادة البيع لصالح المنزوع منه الملكية و ذلك خلال مهلة 30 يوما 
* لكن هذا الحال بالنسبة للعقارات التي لم تلق التخصيص و لم تنطلق بها الأشـغال بتاتا، فما هو موقف القضاء فيما يتعلق بالعقارات التي عرفت بداية أشغال، و لكنها توقفت لمدة تفوق الأربع سنوات القانونية ؟ فهل يمكن طلب استرجاعها طبـقا للمادة 32 المذكورة أعلاه ؟
الجواب لم نجده في قضائنا الجزائري ، ذلك أننا لم نعثر علي أي قرار أو اجتـهاد مستقر عندنا في هذا الصدد أما في فرنسا   فالمسألة قد عولجت حسب حجم و أهمية الأشغال المنجزة قبل الـتوقف و نسبـة انجازها بالنسبة للمشروع ككل ، وكذلك حسب مدة التوقف و نسبة الإدارة في الاستمرار في الأشـغال أم إهمالها 
هذا مع العلم أنه يوجد في  فرنسا تقنين خاص بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة ، إذ يختـص بالفصل في منازعاتها أساسا قاضي عادي يسمي قاضي النزع ، أما طلبات التعـويض عن النـزع فيختـص بها القاضي الإداري، و يظهر هنا جليا تعقد هذا النظام بالنسبة للمتقاضي الفرنسي تفاداه المـشرع الجزائري بجـعل قاضي النزع هو قاضي التعويض و هو القاضي الإداري بموجب المعيار العضوي المكرس في المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية الحالي و الذي بسط التطبـيق بالنسـبة للقاضـي و المتـقاضي


 و الذي كرستـه المادة 800 من قانون 08/09  مؤرخ 25 فبراير 2008 المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية الجـديد بنصها " .... تختص بالفصـل في أول درجـة، بحكـم قابـل للاسـتـئناف فــي جمـيع القضـايا، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمـومية ذات الصبـغة الإدارية طرفا فيها "   
كما أن للمالك أو صاحب الحق العيني المنزوع ملكيته اللجوء إلي القضاء في حالة مخالفة الإدارة أو من يقوم مقامها الغرض المخصص له العقار المنزوع و المتمثل في مشروع ذو نفـع عام ، كـأن تستعـمل الأملاك المنزوعة للأغراض غير تلك المصرح بها في قرار التصريح بالمنفعة العامة ، و المطالبة بإلغاء قرار نزع الملكية و استرجاع المالك الخاص لأمواله المنزوعة لاسيما بعد فشل محاولاته الودية في إقناع الإدارة استرجاع أملاكه التي وجهت للغرض غير المخصص له دون أن تكون هناك دواعي موضوعيـة لانحرافها عن المشروع التي أعلـنت عنـه  
فالطلب يوجه أولا للإدارة المستفيدة من نزع الملكية قبل  اللجوء للقـضاء ، و ذلك لاستـصدار القـرار الإداري، أما المقابل المالي لاسترجاع العقار محل النزع فيتم تقييمه بطريقة مماثلة للطريقة التي استخدمت في عملية نزع الملكية ، أي مديرية الأملاك الوطــنية مؤهلة في تقييـم مبلغ إعـادة البيــع للـمالك 
و أخيرا و في حالة مالم يكن المال المراد استرجاعه في ذمة المستفيد من نزع الملكية كأن يتم التصـرف فيه بالبيع مثلا لشخص أخر فالمالك يتمكن من الحصول علي تعويض بفعلي الضرر المـادي و الضـرر المعــنوي.

المـطلب الثـاني / دعــوى الإلـغـاء 


         هي دعوى قضائية ترمي إلغاء قرار إداري غير مشروع، و تعرف كذلك بأنها دعـوى قضائية يطـلب الطاعن بمقتضاها من القضاء الإداري مراقبة مشروعية قــرار إداري و الحـكم بإلغـائه إذا تبـين له أنه غير مشروع  



و تأسيسا علي ما سبق يتولي القضاء الإداري رقابة مشروعية القرارات الإدارية و إعدام القرارات  غير المشروعة، و حتى وصف بأنه حارس المشروعية الإدارية و حامييها ،و إن احترام مبـدأ المشـروعية يؤدي أيضا إلي حـسن إدارة المرافق العامـة و سـيرها و ضمـان فعاليتـها لتحــقيق المشـروعية 
 فإلغــاء القرارات الإدارية  غير المشروعة يحقق المصلحة العامة و الخاصة علي حد سواء تستهدف دعوى الإلغاء تحقيـق غاية تتمثل في حماية حقوق الأفراد و حرياتهم المشروعة فلا يعني ذلك أن حماية المصلحة الـعامة هي غايتها الوحيــدة 
إن للقضاء دور هام في المحافظة علي الحقوق و الحريات الأساسية للأفراد المعترف بها دستوريا و لمـا كان التعدي علي الأملاك لعقارية يمس بأهم حق و هو حق الملكية و هنا  يتــجلي دوره فـي مراقبـة أعمال الإدارة للتأكد من شرعيتها ، و تفحص ما إذا كان القرار أو العمل أو الإجراء المتخذ مــشروعا و يجيزه القانون مما قد يضطره إلي مراقبة أعمال الإدارة متى تجاوزت سلطتها في التمسـك بالإجراءات الــقانونــية 
و دعوى تجاوز السلطة الهدف منها هو حماية المواطن من تصرفات الإدارة ذات الطابع التعسفي و التي تخرج عن مبدأ المشروعية الذي يحكم جميع الأعمال القانونية ، و لإلغاء القرار الإداري يرتكز المتقاضي علي الحالات التي كانت محل الدراسة في المبحث الأول و لكننا نرجع إليها  باختصار وفق التصــنيف التقليدي الذي أتي به لافيير والذي يميز بين أربعة أصناف لعدم المشروعية و هي عدم الاختصاص ،عيب مخالفة الشكل و الإجراءات، مخالفة القانون، الإنحراف بالسلطة
و سنحاول إسقاط وسائل الإلغاء هذه علي بعض أوجه التعدي و التي تجلت من خلال التطبيق اللامشروع  لبعض الأنظمة خاصة  نـزع الملكية للمنفعة الـعامة ، الاستيلاء و شـغل الأراضي  وكـل ذلــك بالتــعرض لموقف القضاء الجزائري من خلال  بعـض الاجتـهادات القضائية ، و نظـرا لكـثـرة النزاعات الخاصة بنــزع الملكية للمنفعة العامة المطروحة علي مستوي الجهات القضائية  الإدارية  و غزارة الاجتهاد القضائي في هذا المجال سنركز الدراسة علي رقابة المشروعية من خلال دعوى الإلغاء بنزع الملـكية للمنفعة العامة و سلطات القاضي الإداري في تحديد عناصر نزع الملكية للمنفعة العامة 
 أولا يفهم من قانون 91 /11 أن سلطات القاضي الإداري مقيدة في مجال تحديد المنفعة العامة ، بيــنما تملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة لكن إذا اكتفي القاضي بهذه الوضعية فإن ذلك يؤدي في كثيــر مـن الأحيان إلي تعسف الإدارة ، خاصة و أن القانون لم ينص علي إمكانية الطعن في هذه القرارات المتـعلقة 


بعملية نزع الملكية  سوي في اثنين و هما قرار التصريح بالمنفعة العامة في المادة 13 من قانون 91/11 و قرار قابلية التنازل في المادة 26 و هو القرار الذي يبين مبلغ التعويض، رغم أن المراحل التي  تـمر بها الإجراءات تكون عبر سبع قرارات إدارية و بمفهوم المخالفة أن المشرع لم يفتح طرق الطعن بالإلغاء في القرارات الباقية  
أما فيما يخص دعوى الإلغاء  فيمكن تأسيسها علي إحدى الحالات و الوسائل التقليدية المذكورة سابقا وهي عدم الاختصاص  عيب الشكل ، عيب مخالفة القانون ، الإنحراف بالسلطة 
* مراقبة الاختصاص / فقد يتجلي عدم الاختصاص في حالة اعتداء سلطة إدارية علي صلاحيات سلـطة إدارية أخري كأن يصدر قرار من الوالي في حين تقتضي العملية قرار وزاريا مشتركا. 
* مراقبة الشكل / أما عيب الشكل فقـد يكمن في إهمال السلطة الإدارية لإجراء جوهـري كالامتناع عن تعيين لجنة للتحقيق، و الاكتفاء بتعيين شخص واحد بدلا من لجنة تتكون من 3 أعضاء ، فإن للــقاضي  سلطة الإلغاء لعيب الشــكل المحدد بالمادة 10  من قانون 91/11 التي أوردت البيانات الضرورية 
* مراقبة الإجراءات / لقد وضع المشرع إجراءات قانـونية لابـد علي الإدارة و هي  بصــدد نـزع الأمــلاك العقارية أو الحقوق المرتبطة بها مراعاتها و إلا جعلت قراراتها في هـذا الشأن معيبة  كعدم التبلــيغ ، أو عدم إجراء تحقيق مسبق في حالة نزع الملكية العادية 
و علي هذا قضت الغرفة الإدارية في قرارها رقم 116673 المؤرخ في 30 / 04 /1995 بأنه " مــن المستقر عليه قضاء أن منطوق الحكم أو القرار هو الذي يعد في حد ذاته ووحده الحكم خاصة إزاء حجية الشيء المحكوم فيه ، ومن ثم استوجب إلغاء القرار الذي أغفل في منطوقه ذكر السلطة العامة  الواجـب التنفيذ عليها للتعويض ومن جراء نزع الملكية لمنفعة العامة "
و فيما يخص إجراء تبليغ قرار نزع الملكية قضت الغرفة الإدارية في قرارها رقم 91487 المؤرخ فـي 24 / 05/ 1992 بأن مقرر والي ولاية تيزي وزو المؤرخ في29/11/1986 المتضـمن التصــريح بالمنفعة العامة لمشروع بناء محطة بنزين و نزع ملكية الأرض المتنازع عليها من أجل المنفعة العامة و 
الذي يعد قرارا فرديا كان يجب تبليغه للطرف الذي انتزعت منه ملكيته، و أن هذه الشكلية لم تحترم في دعوى الحال حتى ولو تم نشر هذا المقرر في جريدة الشـعب " 



* كما يمكن تأسيس الدعوى علي مخالفة القانون إن تجاهلت الإدارة قاعدة قانـونية كالإشهار الإجباري مـثلا أو عند تصريحها علي المنفعة العامة دون إثبات وجودها 
* تؤسس الدعوى أيضا علي الإنحراف بالسلطة الذي يظهر غالبا في شكل استبدال الإجراءات ففـي قرارها المحكمة العلــيا المؤرخ في 2 يولـيو 1965 شركة عين فكـرون ضـد والـي ولاية المدية ـ استبدال إجراء نزع الملكية بإجراء الاستـيلاء الـمؤقت ـ
و تعتبر مشوبة بعيب الإنحراف في استعمال السلطة كل القرارات الإدارية التي تستخدم صلاحيات السلطة العامة لأغراض لا علاقة لها بالنفع العام لأن كل محاولة من الإدارة الإستيلاء أو نزع العقارات خاصـة لا ترمي إلي تحقيق المنفعة العامة تكون باطلة لأن الهدف منها هو إنشاء مشروعات جماعية الغرض منها تحقيق النفع العام
و لما كان هذا الإجراء بهذه الخصوصية فقد سن له القانون إجراءات خاصة إتباعها و كل نزع للملـكية يتـــم خارج الحالات و الشروط التي حددها هذا القانون يكون باطلا و عديـم الأثـر و يعد تجاوزا يترتب عــنه التعويض المحدد عن طريق القضاء 
 و من بين القرارات القضائية التي ذهبت إلي تأكيد هـذا الطـرح القرار رقم 62458 المؤرخ فـي 10 مارس 1991 بأنه من المقرر قانونا أن الوالي يحدد بموجب قرار نزع الملكية قائمة القطـع أو الحـقوق العينية العقارية المطلوب نزع ملكيتها ، و إذا كانت هذه القائمة لا تنجم عن التصريح بالمنفعة العامة ومن ثم فإن مقرر الوالي ـ في قضية الحال ـ لنزع الملكية من أجل حيازة الأراضي لإنجاز طريق يربط بين 
قريتين دون أن يشير إلي تحقيق المنفعة العامة و لا إلي أي مقرر مصرح بالمنفعـة العامة يعد مــخالفا للمقتضيات القانونية لمشار إليها أعــلاه "
*ولضمان عدم تعسف الإدارة في تقدير هذا التعويض، ضمن المشرع لكل المعنيين في حالة ما إذا لم يرضوا بمبلغ التعويض المقترح عليهم من طرف الإدارة النازعة للملكية حق رفع دعوى أمام القضاء يطعنوا في هذا التقدير ويطالبوا بإجراء تقييم آخر، و على هذا الأساس يلعب القاضي الإداري في هذا المجال  دورا  مهـما للغاية ،كونه مكلف بإيجاد التوازن بين حقوق الأفراد من جهة واحترام صلاحيات السلطة الإدارية  الرامـية لتحقيق المنفعة العمومية ، ونقطة الحسم في هذا كله والوصول إلى تعويض عادل و منصف يرضي  جميـع الأطــراف .
و فيما يخص آجال رفع الدعوى فقد  فرض المشرع آجال قصيرة لقبول دعوى الإلغاء فألزم المتقاضي أن يرفع دعواه خلال شهر من تاريخ تبليغه أو نشر قرار التصريح بالمنفعة العامة و هذا ما ورد في المـادة 



13 ، و 15 يوم من تاريخ تبليغ قرار قابلية الأملاك للتنازل نصت عليها المادة 26 ، و فرض المشرع أن تفصل الجهة القضائية في الطعن حسب الإجراءات السريعة  و هذا خلال شهر و يترتب عن ذلك أن 
المشرع قد ألغي إجراءات الصلح الواجب إتباعها طبقا للمادة 169 /3 في كل الطعون المرفوعة أمـام الغرفة الإدارية لدي المجلس و كذلك التظلم المسبق الواجب احترامه طبقا لنص الــمادة 275 ق إ م 
أما الجهات القضائية المختصة فتخـضع لأحكام المادة 7 من قانون الإجراءات الــمدنية 
أما فيما يخص وقف التنفيذ فمبدئيا مخاصمة القرار الإداري لتجاوز لسلطة لا تؤدي إلي وقف  تنفـيذه و مرد ذلك للطابع التنفيذي الذي يمتنع به القرار و هو مبـدأ ينتـج عن قرينة المشروعية المفـترضة فيه
 هذا المبدأ نصت عليه المادة 170 /11 من ق إ م بالنسبة للدعاوى المرفوعة أمام المجـلس القضـائي و بمفهوم المخالفة لما نصت عليه المادة 283 / 2 من ق  إ م بالنســبة لدعـاوى الإلـغاء المرفوعة أمام   مجلس الدولة   
يوجد استثناء لهذه القاعدة بحكم القانون و يتعلق الأمر بدعوى الإلغاء المرفوعة ضد قرارات التصريح بالمنفعة العـمومية أمــام المجلس ، فرفع هذه الدعوى من شأنه وقف تنفيذ القرار المخاصم المصرح  بالمنفعة العامة ، و هذا مـا نصت عليه المادة 13/3 من قانون 91/11  و التي جاء فيها أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يطعن في قرار التصريح بالمنفعة العامة لدي المحكمة المختصة و في هذه الحالة يوقف تنفيذ القرار الإداري المصرح بالمنفعة العامة 
 * نفس الشيء يقال علي رقابة القاضي الإداري علي إجراءات عملية الاستيلاء أو شغل الأراضي فـما دام القانون قد سن الإجراءات القانونية اللازم إتـباعها ، و أي تجاهل لهذه الإجراءات يعـرض قرارها للطعن فيه بالإلغاء، و جاء في القرار الصادر بتاريخ 20 / 10 / 1984 " من المقرر قانونا أن نظـرية الشغور مبنية علي أسـس محـددة قانونا كالمـعاينة و التصريح بالشغور ومن ثم فان القرار المتخذ من الإدارة بالإستيلاء علـي عقـار دون استيفاء الإجراءات القانونية المثبـتة لحالة الشـغور يكون مـشوبا 



بتجاوز السلطة، و لما كان ثابتا في قضية الحال أن رئيس الدائرة قد قرر من جانب واحد الإستيلاء علي المحل لصالح شخص طبيعي  معتـقدا أن مجرد الإشارة الي التشريع الخاص بالأمـلاك الشـاغرة دون 
الإثبات بدليل علي حالة الشغور هو وحده كاف لتأسيس قراره فإنه بتصرفه علي النحو المذكور كــان قراره مشوبا بتجاوز السلطة ، استوجب إبطـال أمر الإستيلاء علي المحل لمتنازع فيه 
و آجال رفع هذه الدعوى و الجهة المختصة للفصل فيها فهي مقررة وفق القـواعد العامـة الواردة فـي القانون الإجراءات المدنية

المطـلب الثـالث / دعـوى التـعويـض 


            دعوى التعويض الإدارية من الدعاوى الأكثر قوة وقيمة قانونية لما توفره من حماية للحقوق و الحريات الخاصة بالأفراد في مواجهة سلطات و أعمال الإدارة العامة  الضارة، و جــاءت تجسيدا و تطبيقا للنـظام القانوني لنظرية المسؤولية الإدارية 
و تتسم دعوى التعويض علي أنها من دعاوى القضاء الكامل حيث تنص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية الحالي علي " تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئنـاف أمام المحكمة العليا  في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها التي تكون الدولة أو احدي المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.......المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة و الولاية، البلدية و المؤسسـات العـمومية ذات الصبغة الإدارية الرامية لطلب التعويض "
كما أن سلطات القاضي في دعوى التعويض واسعة بالمـقارنة مع سلطاته في دعاوى القضاء الشرعية   حيث تتعدد سلطات القاضي من سلطة البحث و الكشـف عن وجود الحق الشخصي لرفع هذه الـدعوى والبحث عن الحق الذي لحقه الـضرر نتيجة نشـاط الإدارة ثم تقدير نسبة الضرر ومقــدار التعويض
تعتبر دعوى التعويض من الدعاوى الشخصية و ذاتية لأنها تهدف الي التعويض عن الأضرار المادية أو المعنوية التي أصابت الحقوق و المركز القانونية لرافعها، و على ذلك يجب على المدعي إثبات خطأ ينسب للإدارة و أنه قد مس بحق ذاتي له يحميه القانون و كذا العلاقة السببية تعرف المسؤولية علي أنها الحالة القانونية التي تلتزم الدولة أو إحدى مؤسساتها بدفع تعويض عن الضرر أو الأضرار التي تسببت فيها للغير بفعل الأعمال الإدارية المشروعة أو غير المشروعة


يلعب القاضي دورا هاما في إصلاح الأضرار التي تسببت فيها الإدارة  سواء نتيجة أخطاء موظفيها أو بسبب الإخلال بالتزاماتها التعاقدية أو في إطار ما يعرف بالمسؤولية الإدارية في حالة مخاطر الجوار أو بالأشغال العمومية و ذلك عن طريق القضاء بمبلغ للتعويض 
و عليه فإن كل محاولة من الإدارة في الاستيلاء أو النزع لعقارات خاصة لا ترمي إلي تحقيق النفع العام تكون باطلة ، تعدت الإدارة من خلالها علي حقوق و مراكز الملاك و تعد اعتداء مادي يرتب مسؤوليتها 
و حق الطرف المتضرر فيطلب التعويض عن طريق دعوى التعويض
و  يمكن تصور قيام المسؤولية الإدارية في هذا المجال في الحالات التالية / 
 أولا /  حالة التعدي المادي علي الأملاك العقارية التابعة للفرد كان تستولي علي عقاره  دون أن تكون حاجة لذلك و دون  أن تستند في ذلك لنص قانوني و دون أن تتبع الإجراءات اللازمة أي أن تتعسف الإدارة فقط  
و من الأمثلة العملية  في هذا المجال ما قضت به الغرفة الإدارية لمجلس قضـاء الشـلف  في قضــية     "م" ضد رئيس المجلس الشعبي لبلدية عين الدفلى, أين طالبت المدعية بإلزام المدعى عليها بأن تدفع لـها مبلغ "1.958.400,00 دج"  مقابل قيمة القطعة الأرضية المحتلة، ومـبلغ 200.000,00 دج مــقابـل حرمانها من استغلال حقوقها العقارية،  مؤسسة دعواها على أنها مالكة لقطعة أرضية بسندات رسمية وأن البلدية قامت بالتعدي والاستيلاء عليها، وهذا بشق طريق في ملكيتها واستولت على مساحة 20 آر و40 س، وقد وعدتها البلدية بتعويضها بقطعة مماثلة ولكنها لم تفعل، وقد اعتبرت الغرفة الإدارية في تأسيسها أن تصرف البلدية يعتبر تعديا وبالتالي قيام مسؤوليتها ما دامت لم تقدم أي وثيقة لتبرير تصرفها, بالإضافة 
إلى تقرير الخبرة الذي أمرت به الغرفة والذي يؤكد عملية التعدي، أين قضى المجلس بإلزام بلدية عيـن الدفلى بأن تدفع للمدعية مبلغ "979.200,00دج" كتعويض عن التعدي على ملكية المدعـية.
ثانيا / حالة التعدي من قبل الإدارة كحالة لجوء الإدارة إلى الهدم مباشرة دون اللجوء إلى القضاء أو الهدم الغير مبرر حيث قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا.  على أنه «من المقرر قانونا  بالمادة 124 من القانون المدني أن كل عمل أي كان يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض و لما كان  ثابتا في قضية الحال أن البلدية قامت بالتعدي على الجدار و تحطيمه بدون  أن تحصل على حكم يرخص لها بذلك بحجة أن الحائط  تم بناؤه  بطريقة فوضوية رغم أن المستأنف  استظهر برخصة البناء و محضر إثبات  الحالة على أنه لم يغلق مجرى مياه الوادي كما تدعيه البلدية و 


عليه فإن البلدية تتحمل مسؤولية خطئها  مما يتعين  إلغاء القرار المستأنف الذي رفض تعويض المستأنف»
ثالثا /  قيام المسؤولية الإدارية على أساس مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة أسس التعويض في هذه المسؤولية تختلف عن أسس المسؤولية المدنية ، لأنه لا يعوض في المسؤولية الإدارية علي أساس المخاطر لا يعوض عن الضرر إلا إذا وصل درجة من الجسامة و هذا تكريسا لمبدأ مساواة المواطنين أمام الأعباء العامة  ففي حالة ما إذا تم الإستيلاء علي عقار مملوك للفرد أو شغله لمدة معينة فإنه من حق طلب التعويض علي أساس ما فاته من كسب و ما لحقه من خسارة كما نصت المادة 681 مكرر3 من القانون المدني ".... يتعلق هذا التعويض بإصلاح الضرر المتسبب و مكافأة العمل و الرأسمال وكذا بتعويض كل نقص في الربح "  هي حالة لا يمكن إسنادها  إلى خطأ مرفقي أو مخاطر غير عادية إذ ينتج عن هذا الوضع تحميل شخصا ما عبئا أو ارتفاقا مع استفادة العامة منه مما يشكل خرقا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة بالتالي يمكن للمعني رفع دعوى التعويض  أمام القضاء الكامل لجبر الأضرار اللاحقة به و يمنح التعويض في حالة تسبب المستفيد من الإستيلاء في نقص القيمة .
تجدر الإشارة أن المحكمة العليا قد استقرت علي اعتبارها أن مخالــفة هذا الإجراء تشكل اعتداءا  ماديا يرتب مسؤولية الإدارة و يمكن القاضي طرد الإدارة من العقارات المسـتولي عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad